0

حواجز النجاح كثيرة أخطرها ماضيك



تتعدد حواجز النجاح التي تعوق الانسان عن تحقيق أحلامه وأهدافه وقد أخترت اليوم الحديث عن أكثرهم خطورة -من وجهة نظري- ألا وهو “الماضي” أو ما يُسمي بتجارب الشخص السابقة، وذلك لما رأيت بعيني من واقع تأثيرها السلبي والمدمر  في تحقيق النجاح.

النجاح والماضي:

أقسي ما قد يفعله الانسان بنفسه هو أن يكون أسيراً لماضيه، وهنا نقصد الماضي الملئ بالأحداث المؤسفة التى لم يرغب الشخص في حدوثها يوماً ما. لأنه بذلك لا يحرم نفسه تحقيق أي نجاح في وقته الحاضر فقط وإنما مستقبلا أيضًا. ولتعلم أن سجن الماضي بذكرياته السيئة لهو أشد علي النفس من سجن الجسد. فكم سمعنا عن أشخاص استطاعوا أن يكملوا دراساتهم ويقوموا بتأليف أعظم كتبهم أثناء الأسر وفي أعقاب ظروف سأتركها لخيالك.

إذا لا يوجد شخص عظيم أو علي الأقل حقق قدراً من النجاح إلا وقد مر بألم أعظم، فهذه سنة النجاح. فلو كان سهلاً لفعله الجميع!. وهنا أدعوك للقراءة في سير العظماء لتدرك ما أقول.

للنجاح ضريبة ويتفاوت ضريبته وثمنه من شخص لآخر. ولكن علي أية حال لابد أن تشكر الازمات التي لولاها لما وقفنا في منتصف الطريق وأعدنا التفكير في وجهتنا وأهدافنا، هل هي حقا ما نريد أم ما أراده الآخرون لنا أم ما فرضته الظروف علينا!. إذا ما الحل؟  قبل أن اخبرك بالحل يجب أن تعرف أولا ماذا تفعل بنفسك عندما تقف علي أعتاب الماضي الأليم.

خطورة العيش فى الماضي الاليم:

في الحقيقة كلنا معرضون لحالة الحزن والعيش في ذكريات الماضي ولكن أفضلنا هو من يمر عليها مرور الكرام و بأقل خسائر ممكنة لأنه ببساطة أدرك حقيقة الحزن فالحزن يوهن العزيمة والإرادة ويورث اليأس والقنوط  فيصبح يومه كغده لا جديد سوي استنفاذه لرصيد الأمل والتفاؤل بداخله. لذا عليك أن تسأل نفسك ماذا جنيت من الحزن وقيده؟! دعني أخبرك ماذا ستجني.

حين تظل عالقاً في تفاصيل الماضي، حينما يتوقف عقلك وإدراكك عند ذلك اليوم الذي خذلك فيه الأقربون أو خدعك فيه حتي  الغرباء. أنت بذلك تخذل نفسك بنفس القدر الذي خذلوك وحطموك به، وثق أنني أعلم أنهم قد ظلموك وأحدثوا في نفسك من الجروح ما يعلم قساوتها إلا الله.

ولكن لم يكن الحل أن  تتجاهل صوت إيمانك أو عقلك الذي برمجته دوماً علي استرجاع ومعايشة ما قد مضي وانتهي.  فأنجو بنفسك وأرحمها من إعادة معايشة تجارب أليمة لن يزيدك تذكرها إلا الغرق في بحار من الحزن والإكتئاب  لن تصل بك غالبا إلا إلي الفشل والخسارة المحتومة، لذا ألم يكفيك ما أضعته من أيام وربما شهور أو حتي سنين باكياً علي الأطلال ومن ظلموك؟

لماذا إذا تصر علي أن يحطموك مرة ثانية، ولكن هذه المرة ستكون بيدك أنت!. ولتعلم أن الله سيحاسبك علي كل وقت أضعته. فلتستغله في بناء نفسك من جديد وبروح يملئها الطموح والايمان بأن الله لم يضعك في هذه المواقف إلا وهو يعلم أنك ستجتازها. بإختصار هو اختبار وما عليك إلا النجاح والاجتياز. لأنه لن يسعك عواقب الاخفاق فيه. وأقصد أن عواقب الماضي لا تتوقف عند الشعور بالحزن إنما يأخذك إلي اليأس والقنوط وما أدراك ما اليأس والقنوط! فبالإضافة إلي أنه لا يليق بالنفس المؤمنة فهو أقصر طريق لخسارة الدنيا والآخرة. ولهذا يأتي دور الايمان في قلبك. ونظراً لأن إحساسك بظلم واقع عليك قد يزرع في قلبك شهوة الانتقام والقيام بأفعال متهورة قد تؤذيك وتؤذي غيرك، يأتي الايمان بالله ليهذب نفسك وروحك من جديد.

دورالإيمان بالله في حياتك

ليطمئن قلبك عليك أن تؤمن بأن كل مأصابك كان مقدراً عليك وما أولئك إلا سبباً من الأسباب، بهم أوبدونهم كان سُيلم بك ذلك القدِر من الألم والحزن وما ابتلاك رب العباد لتقنط وتسئ الظن به إنما لحكمة عليك ان تعرفها وإن لم تستطع فعليك الانتظار والتسليم بقضائه.

ولعل أعظم حكمة يمكن أن تخرج بها من أي محنة هي ادراك حقيقة الدنيا بأنها دار ممر لا مقر وهي طريق في النهاية إلي زوال أحيانا تجده مُعبداً ميسراً وأحيانا أخري يشوبه العوائق والازمات فأصنع لنفسك طريقاً، وإن لم تقدر فلا تفقد إيمانك بلحظة الوصول يوماً ما حيث الراحة والسعادة الأبدية حيث لا ظلم ولا خداع إنها الجنة بكل تأكيد… فهل عرفت اين تكون الجنة! انها فى الآخرة فقط.  ونصيحة لك كفاك نظرتك الوردية والتي قد تصل للسذاجة أحيانا للحياة والأشخاص فيها لأننا في النهاية بشر ولسنا ملائكة، كل منَّا معرض للخطأ والإساءة بحق الآخرين ونُحدِث في نفوسهم ما آلمنا يوماً ما. وتخلص من فكرة أن الحياة ليس لها الحق في أن توجعك طالما أنك لم تؤذِ أحد. وهل تؤذي الدنيا يا صديقي سوى الطيبين ؟!.

لذا اعرف قيمة هذه الدنيا عند رب العباد فهي لا تزن جناح بعوضة، فهنيئاً لمن يظلمون ويتكالبون عليها لقد ظلموا وخدعوا من أجل ما لا يزن جناح بعوضة وهم بذلك خسروا الدنيا والآخرة. فعليك بنفسك محتفظاً بإيمان لا يزعزه نكبات الحياة بأنهم لن يضروك بشئ لم يكتبه الله عليك. وحديثي هذا لا يعني الخنوع أو الضعف وانتظار الضربات من الحياة في رضا وسرور، وإنما خذ حذرك دوماً متخذاً بالأسباب متوكلاً علي الله حامياً نفسك من كل ما يهدد سلامتك وراحتك وإن وصل الأمر لاعتزال ما يؤذيك.

ولتتذكر أنه ليس من حقك أن تجعل نفسك أسيراً لمخلوق مثلك فهذا لا يليق بتكريم الله لك، ولتحرر نفسك من قيود الماضي ولتزيح عن كاهلك مراراة تجارب لم يكن لك يد فيها، فما أروع حرية الانسان!

هل للماضي الأليم من ايجابيات؟!

وضحنا في الاسطر السابقة عواقب العيش في الماضي.ولكن هل فكَّرت يوما في أن للماضي السئ إيجابيات؟!

– نعم له عظيم الايجابيات بشرط أن تأخذ منه العبرة والحكمة والحكمة كما تعلم ضالة المؤمن وهي من أجَّل النعم التى وهبها الله سبحانه وتعالي لأنبياءه، قال تعالي وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ “. وهي وصف قبل كل شئ لذات الله واسم من اسمائه الحسني “الحكيم”.

فلتتعقل وتخلق من الألم الأمل وانطلاقة جديدة نحو النجاح الذي طالما حلمت به والذي لم تكن لتصل إليه إلا بهذه المحنة، فبداخل كل محنة منحة عليك أن تجيد استغلالها، وذكٌر نفسك دائما بأنه حتما هذه الأيام ستنقضي. لم يخلقنا الله ليبتلينا أو يعذبنا فقط وإنما ليربينا بها من جديد ويعلمنا من خلالها أشياء وفضائل كنا سنعجز عن ادراكها في ظروف عادية. فمرورك بضائقة مادية أو دَين مثلا رسَّخ في نفسك نعمة الرأفة بالمساكين ومن ثم ستجد نفسك لم تعد ناقماً علي ما ينقصك أو يتعبك وإنما تعدد نعمك التي حُرم منها الكثيرون. أن “آفة النعم الإلف” فتعودك عليها يجعلك لا تعرف قيمتها والانسان بطبيعة الحال لا يعرف قيمة الأشياء إلا بعد زوالها فلا تنتظر حرمانك منها لتدرك قيمتها، ولتكن ممتنا لله علي نعمة الصحة فلولاها ما قامت لك قائمة. ولتتذكر حالك حينما تكون مصاباً بنزلة برد مثلا وحالة الضعف التي تكون عليها. إن ميكروباً صغيرا لا يُري بالعين المجردة يثبت لك كم كنت في نعمة عظيمة غافلاً لها.

وكن علي يقين بأنك لست بهذا الضعف. كرمَّك الله ووهبك من النعم أعظمها وهي “العقل” الذي به تصنع الكثير لنفسك ولأمتك فأنظر بماذا انت شاغله!. فلتنجو بنفسك من أسر الماضي. ولا أعني بالنجاة هنا نجاة المنهزم بروحه في أخر المعركة، إنما نجاة منتصر من شرور أرادت أن تهلكه أو آثام كانت لتلوثه مدي الحياة فأراد ربك أن يعفيك منها. فكيف السبيل إلي النجاة؟ إنه الإيمان…

  الانتقام البنّاء (المشروع):

كثيرا ما راودتك أفكار ومشاعر الانتقام ممن ألحق بك ظلماً ما ولكنك تتراجع عن هذه الأفكار لعلمك أن للانتقام ثمن باهظ علي الطرفين وهم في الحقيقة لا يستحقون أن تبدد طاقتك وتفكيرك من أجلهم. و قيل في ذلك ” قبل أن تبدأ في رحلة الانتقام أحفر قبرين أحدهما لنفسك!” فما الحل لتتخلص من لعنة الاحساس بالقهر والانكسار. الحل أن تنتقم الانتقام البنَّاء حيث يكون المستهدف هو نفسك فتعمل علي تطويرها وإكتساب مهارات جديدة مسلحاً نفسك دوماً بالعلم والتعلم وهذا الانتقام وإن هدم فسيهدم من ظلموك دون أن تفعل لهم في الحقيقة شيئاً ملموساً.. إنه النجاح وما لنا سبيل غيره..

علي مستوي المعنوي: بألا يروا الإنكسار في عينيك مرة أخري.

وعلي المستوي العملي والواقعي:  بألا تتنازل عن أحلامك التي توقفت عن السعي إليها بسبب الحزن واليأس علي ما فاتك.

وإن لم يكن فأصنع أهدافاً جديدة تبث الحياة في روحك من جديد وتبعث الأمل والتفاؤل فيما هو آت وتجعلك غير آسفٍ علي ما قد فات. وحين تحقق ما أردت ستكون في الحقيقة ممتناً لهؤلاء الذين لولاهم ما ملأ الاصرار والايمان روحك بهذا القدر الذي مكنك فى النهاية من تحقيق النجاح

فعاهد نفسك أن تبدأ من هذه اللحظة بترتيب حساباتك من جديد. وأنت تعلم جيداً ما عليك فعله فأسعي نحو هدفك متوكلا علي الله متخذا بأسباب النجاح واثقا في ما عنده من أرزاق ومنتظرا غدا أجمل بإذن الله…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *